ولعل مستند هما ما يستفاد من بعض الروايات من استقرار بناء الفقهاء من أصحابنا المعاصرين للأئمة (عليهم السلام) عملا على التقصير، مع كون أخبار الإتمام بمرآهم كونهم بأنفسهم راوين لها:
فعن جعفر بن محمد بن قولويه في كتاب كامل الزيارات عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، قال: سألت أيوب بن نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد:
مكة، المدينة، والكوفة، وقبر الحسين (عليه السلام) الأربعة والذي روي فيها؟ فقال: أنا أقصر، وكان صفوان يقصر، وابن أبي عمير وجميع أصحابنا يقصرون. (1) وروى الشيخ بإسناده عن على بن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام):
إن الرواية قد اختلفت عن آبائك (عليهم السلام) في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين، فمنها:
بأن يتم الصلاة ولو صلاة واحدة، ومنها: أن يقصر ما لم ينو مقام عشرة أيام، ولم أزل على الإتمام فيهما إلى أن صدرنا في حجنا في عامنا هذا، فإن فقهاء أصحابنا أشاروا علي بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام، فصرت إلى التقصير، وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك.
فكتب (عليه السلام) إلي بخطه: " قد علمت - يرحمك الله - فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما، فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر وتكثر فيهما من الصلاة ".
فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة: إني كتبت إليك بكذا، وأجبتني بكذا. فقال:
" نعم ". فقلت: أي شيء تعني بالحرمين؟ فقال: " مكة والمدينة ". الحديث. (2) والحاصل أنه يستفاد من خلال الأخبار أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) من الطبقة السادسة والسابعة والثامنة كان بناؤهم فتوى وعملا على التقصير مع كونهم راوين لأخبار الإتمام، وقد عرفت منا مرارا أن الشهرة الفتوائية كانت بمرتبة من الأهمية عند