تخصيص واستثناء بالنسبة إلى بعض المواطن في الجملة؟
فالمقصود في جميع أخبار الإتمام سؤالا وجوابا ثبوت امتياز ما للبلدين من سائر البلدان، فلا يتمشى في المقام احتمال تعدد الحكم أصلا.
فينحصر علاج التعارض في المسألة في حمل المطلق على المقيد أو بالعكس، ولا يخفي أن ظهور دليل المقيد في دخالة القيد أقوى من ظهور دليل المطلق في كون الحيثية المطلقة تمام الموضوع للحكم، فيجب حمل أخبار البلدين على الأخبار الدالة على دخالة خصوصية المسجدين، ولا سيما مع كون المترائي من أخبار البلدين عدم كونها بصدد بيان تمام الموضوع للحكم، بل بصدد بيان أصل ثبوت الحكم إجمالا وامتياز البلدين من غيرهما في الجملة، فالتمسك بالإطلاق فيها مشكل جدا.
هذا مع انصرافهما إلى خصوص المسجدين، إذ الغالب وقوع الصلاة فيهما، وهذه الغلبة مانعة عن التمسك بالإطلاق.
اللهم إلا أن يقال: إن الغلبة كما تمنع عن التمسك بالإطلاق تمنع عن ظهور دليل المقيد في دخالة القيد أيضا لاحتمال كون القيد واردا مورد الغالب، هذا.
ولكن مع ذلك كله الاقتصار على خصوص المسجدين لا يخلو من قوة إما من جهة حمل المطلق على المقيد أو من جهة الأخذ بالقدر المتيقن في الحكم المخالف لعمومات التقصير.
فإن قلت: ليس نسبة المسجد إلى البلد كنسبة المقيد إلى المطلق، بل كنسبة الجزء إلى الكل، بداهة أنه لم يقصد بالمسجد الحرام مثلا مفهوم مكة المقيدة.
قلت: لا يلاحظ النسبة بين المسجد والبلد، بل بين الإتمام في المسجد والإتمام في البلد، فتدبر، هذا.
ولكن لا يخفى أن تفسير الحرمين في رواية ابن مهزيار بنفس البلدتين لما لم يكن بلحاظ تعيين الموضعين من بين بقاع الأرض، لعدم جهل ابن مهزيار بذلك كما مر،