الطائفتين طائفة ثالثة تدل على تعين القصر ما لم يعزم على مقام عشرة أيام.
إذا عرفت هذا فنقول: حمل أخبار الإتمام على استحباب العزم على المقام حتى يتم، كما نسب إلى الصدوق، وإن كان لا ينافيه جلها لكنه يوجب طرح ما يدل بالصراحة على الإتمام وإن لم يصل فيهما إلا صلاة واحدة، هذا مضافا إلى أنه يأبى هذا الحمل ما في بعضها من كون الإتمام من مخزون علم الله أو من الأمر المذخور، إذ يستفاد من ذلك امتياز هذه المواطن من غيرها من الأماكن، اللهم إلا أن يقال: إن امتيازها من غيرها إنما هو باستحباب العزم على المقام فيها دون غيرها، ولكنه بعيد جدا، وكذلك يأبى هذا الحمل صحيحة ابن مهزيار الطويلة، إذ مورد سؤاله صورة عدم العزم على الإقامة. وبالجملة الالتزام بما ذكره الصدوق يوجب طرح كثير من الأخبار.
فإن قلت: يحمل أخبار الإتمام على التقية لا على ما حملها الصدوق.
قلت: لا أرى وجها للتقية في هذه المسألة، إذ المخالفون في باب صلاة المسافر على قولين من غير أن يفرقوا بين الأماكن: فاختار أبو حنيفة تعين القصر، والشافعي جمع من أصحابه منهم عثمان وعائشة ثبوت التخيير بين القصر والإتمام، ولم يفت أحد منهم بتعين الإتمام مطلقا أو في الحرمين حتى يكون الأمر بالإتمام في أخبارنا لموافقته. (1) هذا مضافا إلى دلالة خبر عبد الرحمان بن الحجاج السابقة (الخامسة مما سبق) على عدم كون الأمر بالإتمام للتقية، فراجع.
وكيف كان فالظاهر أن أصل جواز الإتمام في المواطن الأربعة مما لا ريب فيه بحسب الأدلة، وما تقدم من شهرة القصر عملا بين أصحاب الأئمة (عليهم السلام) غير متحققة، بل الظاهر ثبوت الاختلاف في المسألة من أول الأمر إلى الآن، إذ لو