تنبيه اعلم أنه قال في الجواهر ما حاصله: أن حديث زرارة الحاكي لسفر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذباب (الأول من الطائفة الثالثة) كالصريح في عدم اعتبار الرجوع ليومه، إذ قوله:
" كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتى ذبابا قصر " يظهر منه الاستمرار والتعدد، ويبعد جدا كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع أسفاره إليه راجعا ليومه. (1) ويرد عليه أن ما ذكرت إنما يصح لو فرض كون الذباب بلدة فيها منزل أو مضيف مثلا، ولكن من المحتمل كونه نقطة من البيداء، والغالب في المسافرة إلى الصحاري هو الرجوع ليلا.
تتمة قد تلخص لك من جميع ما ذكرناه أن مقتضى الجمع بين جميع أخبار المسألة عدم اعتبار الرجوع ليومه في المسافة التلفيقية، كما اختاره ابن أبي عقيل، ولكن عمدة الإشكال فيها إعراض الأصحاب عن ذلك وتسالمهم على اعتباره في تحتم القصر.
ولأحد أن يقول: إن هذا الإعراض غير مضر، إذ نراهم يحومون في استدلالاتهم حول هذه الأخبار، فلعلهم زعموا أن مقتضى الجمع بينها تعين القصر على من شغل السفر يومه فعلا وثبوت التخيير لغيره. فلا يكشف إعراضهم عن ظهور أخبار عرفات عن وجود نص غير ما بأيدينا أو وجود وهن في النصوص الموجودة.
وبتقريب آخر: يحتمل أن يكون نظرهم في هذا التفصيل إلى رواية محمد بن مسلم، فحملوا شغل اليوم فيها على الشغل الفعلي، وبسببها قيدوا إطلاقات أخبار التلفيق، وحكموا فيمن لم يرجع ليومه بالتخيير، لكونه مقتضى الجمع بين أخبار