فمراد الإمام (عليه السلام) رفع استبعاده ببيان أن البريد بضم الرجوع إليه يرجع إلى ما هو المعهود لديك من مسيرة اليوم، وحيث لا يعتبر في مسيرة اليوم المذكورة في تلك الروايات تحققها بالفعل في يوم واحد إجماعا بل النظر إلى مقدار مسيرة اليوم وقد ذكرت أمارة لتحقق البريدين، فكذلك لا يكون المراد بالشاغل في المقام خصوص الشاغل بالفعل بل مقدار شاغل اليوم وإن قطع في أيام.
وبالجملة مراده (عليه السلام) أن البريد بضم الرجوع إليه يصير صغرى لكبرى مطوية مقررة في الشرع مركوزة في ذهن السائل، وليست إلا ثبوت القصر بالبريدين المقدرين في كثير من الروايات بمسيرة اليوم. وحيث لا يعتبر في مسيرة اليوم في الكبرى تحققها بالفعل في يوم واحد إجماعا، فكذلك الشاغل في الصغرى المذكورة، لوجوب اتحاد الوسط في المقدمتين. وعلى هذا فموجب القصر هو البريدان، أو البريد الراجع إليهما بسبب ضم الرجوع، من دون أن يكون لتحقق سير الثمانية في يوم واحد وكونه شاغلا لليوم فعلا دخل في ذلك.
لا يقال: سلمنا أن كون السير شاغلا لليوم لادخل له في تحتم القصر ولكن لابد فيه من كون السفر شاغلا لليوم، والسفر أعم من السير، لصدقه على السير وعلى الوقوفات المتخللة في أثنائه. وبالجملة يعتبر في القصر كون السفر شاغلا لليوم وإن لم يشغله السير. ففي المسافة الامتدادية لو قطع الثمانية في يومين صدق على الشخص في كلا اليومين عنوان المسافر وإن نزل أثناء السير للاستراحة ونحوها. فما هو الموضوع للقصر من كون السفر شاغلا ليومه قد تحقق قطعا.
فإنه يقال: مضافا إلى أن المعتبر في القصر مقدار مسيرة اليوم أعني الثمانية فراسخ لا شاغلية السفر ليومه وإن لم يكن بهذا المقدار، إن هذا الملاك حاصل في التلفيقي أيضا وإن لم يرجع ليومه، إذ لو لم يرجع وبقي في المقصد ليلة شغل سفره يومين فحصل شغل اليوم بطريق أولى. هذا.