بالفراسخ. احتمل في الروض (1) تقديم المسيرة. وفي المدارك (2) أن كلا منهما ميزان مستقل، فيتخير في الأخذ بأيهما شاء. وقد يقال: إن المسيرة لا موضوعية لها ولكنها أمارة على الفراسخ يعتمد عليها عند الجهل بها.
أقول: الظاهر رجوع التحديدات الأربعة إلى أمر واحد، ولذا فسر بعضها ببعض في بعض الأخبار:
ففي رواية سماعة مثلا: سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة؟ فقال: " في مسيرة يوم، وذلك بريدان، وهما ثمانية فراسخ. " (3) فيستفاد من هذه وأمثالها أن المسافة الشرعية أمر واحد عبر عنه بتعابير مختلفة، لا أن كلا منها ميزان مستقل أو أن بعضها أمارة على بعض. فمسيرة اليوم أيضا عنوان يشاربها إلى مقدار الثمانية فراسخ، وليس الاعتبار بنفس السير موضوعا أو أمارة بل بهذا المقدار.
وقوله (عليه السلام) في رواية الفضل: " وإنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر، لأن ثمانية فراسخ مسيرة يوم للعامة والقوافل والأثقال... " (4) أيضا لا يدل على كون الاعتبار بالسير، وإنما يستفاد منه كون الاعتبار بالفراسخ، غاية الأمر دلالته على حكمة جعلها ميزانا وحدا.
نعم، ربما يستفاد من قوله (عليه السلام) في رواية أبي بصير: " في بياض يوم أو بريدين " (5) أن كلا منهما ميزان مستقل، ولا أقل من كون بياض اليوم أيضا معتبرا بنحو الأمارية، بحيث يعتمد عليه مع الجهل بالفراسخ.