وخالف المشهور في ذلك الحسن بن أبي عقيل العماني فقال: إن حكم التلفيقية حكم الثمانية الامتدادية، فلا يشترط طيها في يوم واحد. وقد مرت عبارته المحكية عنه في المختلف.
ويمكن أن يستدل له بوجهين:
الأول: أن المستفاد من أخبار التلفيق هو أن الأربعة إنما توجب القصر من جهة أنه يحصل بانضمام الرجوع إليها مصداق لأخبار الثمانية. وبعبارة أخرى: بعد تحكيم أخبار التلفيق على أخبار الثمانية يظهر أن المراد بالثمانية فيها مطلق الثمانية، سواء كانت امتدادية أو تلفيقية، وحيث لا يشترط في الامتدادية وقوع السير في يوم واحد فكذلك في التلفيقية، إذ غاية ما يستفاد منه عدم الاشتراط في الامتدادية إنما هو إطلاق أخبار الثمانية، والفرض أنها تعم التلفيقية أيضا بعد ما حكمنا عليها أخبار التلفيق. فانظر إلى قوله (عليه السلام) - في رواية زرارة (الأولى من الطائفة الثالثة): " وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتى ذبابا قصر. وذباب على بريد. وإنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين: ثمانية فراسخ " - كيف يستفاد منه أن موجب القصر أمر واحد هو الثمانية سواء كانت امتدادية أو تلفيقية.
لا يقال: إن من جملة أخبار التلفيق رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام):
قال: سألته عن التقصير. قال: " في بريد " قال: قلت: بريد؟ قال: " إنه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا شغل يومه. " وهي تدل على اعتبار الرجوع لليوم ليتحقق شاغلية السفر ليومه.
لأنا نقول: لا نسلم دلالة الرواية على الشاغلية الفعلية، بل الظاهر كونها ناظرة إلى ما في بعض أخبار الثمانية من أن إيجابها للقصر مستند إلى كونها مسيرة يوم، هي مما توجب مشقة مقتضية للترخيص. فمفاد الحديث هو أن البريد بعد ضم الرجوع إليه يصير بمقدار مسيرة اليوم التي هي الملاك لثبوت القصر، وحيث لا يعتبر في الامتدادية