وقوع السير في يوم واحد بل يعتبر فيها كونها بمقدار مسيرة اليوم فكذلك في التلفيقية. وإن شئت قلت: إن المشقة الحاصلة بمسيرة اليوم هي أدنى ما يقتضي الترخيص، ولا ينافي ذلك طي مقدار الثمانية في أزيد من يوم، إذ المشقة تصير حينئذ أزيد، من جهة أن سفره هذا شغل أياما.
ويمكن الخدشة في هذا الوجه بأن ما ذكرت من كون المراد بالثمانية في أخبارها مطلق الثمانية أعم من الامتدادية والتلفيقية ممنوع، ولا نسلم اقتضاء أخبار التلفيق لذلك، إذ غاية ما تدل عليه هو أن الثمانية الملفقة أيضا توجب القصر مثل الممتدة لا أنهما فردان لموضوع واحد.
بيان ذلك أنه يحتمل في أخبار التلفيق وجهان:
الأول: أن تكون شارحة ومفسرة لأخبار الثمانية حقيقة، بحيث توجب رفع اليد عن ظهورها في الامتداد، فيكون المراد بالثمانية فيها بعد ضم أخبار التلفيق مطلق الثمانية، سواء كانت امتدادية أم تلفيقية. ومقتضى ذلك أن يكون موجب القصر أمرا واحدا.
الثاني: أن يكون ظهور أخبار الثمانية في الامتداد محفوظا ويكون أخبار التلفيق بصدد بيان أن الثمانية الملفقة أيضا محكومة بحكم الامتدادية في إيجاب القصر وإن لم يعمها أخبار الثمانية، فيكون للقصر موجبان: أحدهما: الثمانية الامتدادية وقد تكفل لبيانها أخبار الطائفة الأولى. وثانيهما: الثمانية الملفقة ويدل عليها أخبار التلفيق، بين الموجبين عموم من وجه، لتحقق الأول فقط فيمن ذهب بريدين ولم يرجع، والثاني فقط فيمن ذهب بريدا ورجع، وتحققهما فيمن ذهب بريدين ورجع.
إذا عرفت هذا فنقول: إن ثبت صحة الوجه الأول وأن موجب القصر أمر واحد كان الالتزام باشتراط أحد الفردين بشرط دون الآخر مشكلا جدا، ولكن لنا أن نمنع ذلك وندعي أن أخبار التلفيق إنما تدل على أن للقصر موجبا آخر وراء الثمانية