[...] وإن شئت فقل: إن مقصود القائل بفورية الإزالة في سعة وقت الصلاة هي الفورية العرفية، لا الدقية العقلية، فإذا لا ينافيها إتمام الصلاة، كما لا ينافيها غيرها مما كان المكلف مشتغلا به، كأكل الغذاء وشرب الماء وغيرهما من الأمور التي يحتاج إليها، فتجب الإزالة بعد إتمام الصلاة وغيرها بلا لزوم الإخلال بالفورية العرفية.
هذا، ولكن قد يقال: بوجوب إتمام الصلاة ولو كان مخلا بالفورية العرفية، بدعوى: أن تقديم الإزالة إنما هو لأجل الأهمية، والمتيقن منها، هي صورة العلم بالنجاسة قبل الدخول في الصلاة، وأما بعده، فلا أهمية للإزالة بالنسبة إلى الصلاة، لانصراف أدلتها عن هذه الصورة.
وفيه: أن الدعوى المذكورة، إنما تتم لو كان المدرك في وجوب الإزالة هو الإجماع، فيؤخذ حينئذ بالقدر المتيقن وهو وجوبها قبل الدخول في الصلاة لابعده.
وأما لو كان المدرك هو الدليل اللفظي، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " جنبوا مساجدكم النجاسة " فلا مجال لتلك الدعوى، إذ المفروض أن مقتضى النبوي هو وجوب الإزالة في جميع الأزمنة حتى الآن الأول، فكأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الرواية نهى عن تنجيس المساجد بلسان الأمر بتجنيب المساجد عن النجاسة.
وعليه: فكما أن امتثال النهي في مثل: " لا تشرب الخمر " يتحقق بترك شرب جميع الأفراد في جميع الأزمان، كذلك امتثال الأمر في الرواية.
ودعوى انصراف أدلة وجوب الإزالة عن صورة العلم بالنجاسة أثناء الصلاة، كما ترى، لعدم إمكان القول بوجوب إتمامها لو صدق معه الهتك والإهانة.