[...] بالعكس، أو يكون العفو متوجها إلى كلتا الجهتين معا وبالأصالة؟ وجوه، والظاهر هو الثاني وأن العفو متوجه أولا وبالذات إلى منجسية الدم وتنجس الثوب به، ولذا ذكر في الصحيحة المتقدمة: " فينسى أن يغسله، فيصلي " وعلى هذا، فلا شأن في العفو لبقاء عين الدم، بل بقاءه وزواله سيان.
نعم، لو كان العفو متوجها أولا وبالأصالة إلى جهة محمولية الدم، وكان العفو عن المنجسية ثانيا وبالتبع ومن باب الملازمة القهرية، كان للشك في بقاء العفو بعد زوال العين مجال، إذ من المحتمل حينئذ دخل وجود الدم ثبوتا في العفو، كما يكون موضوعا إثباتا، وعليه: لا مجال لدعوى الأولوية القطعية، على أن الأولوية لو كانت تامة مجدية، فلم لم يتمسك بها في المسألة الرابعة، بل قيل (1): هناك بكونها قاعدة استحسانية، لا دليل على اعتبارها. (2) وأنت ترى، أن مقتضى هذا الكلام هو أن دليل الأولوية إنما يتم في بعض الفروض دون بعض. وعليه: فالدليل المعتمد في المسألة هو خصوص إطلاق صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة.
ومن هنا ظهر أنه لا حاجة لإثبات العفو في فرض زوال العين، إلى التمسك بالاستصحاب.