[...] الدرهم، أو أكثر، فلا مانع من إثباته بإجراء استصحاب عدم كون الدم قدر الدرهم أو أكثر، عدما أزليا.
ولكن يشكل عليه: بأنه خلاف ظاهر الروايات، بل الظاهر منها هو أن موضوع العفو أمر وجودي، كما لا يخفى على من راجع إليها.
ثم إنه لو سلم أن شيئا من الأمر الوجودي والعدمي لم يستظهر من الروايات، بل هي مجملة من هذه الجهة، فلا محيص حينئذ عن الرجوع إلى أصالة البراءة كالصورة الأولى، والنتيجة هو العفو، أيضا.
فتحصل: أن عدم العفو في الصورة الثانية، إما مستند إلى الأصل اللفظي الإجتهادي وهو عموم المنع، بناءا على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص، وقد أشير إلى أنه خلاف التحقيق، أو إلى الأصل العملي الفقاهي وهو الاستصحاب، بناءا على أن موضوع العفو أمر وجودي وهو الدم الأقل من الدرهم.
وأما العفو فيها، فهو إما مستند إلى استصحاب العدم الأزلي، بناءا على أن موضوع العفو أمر عدمي وهو عدم كون الدم قدر الدرهم، أو إلى أصالة البراءة من العقلية والنقلية، كما عرفت في الصورة الأولى.
ثم إن المصنف (قدس سره) بعد الإحتياط بعدم العفو في الصورة الثانية، استثنى ما إذا كان الدم مسبوقا بالأقلية وشك في زيادته، فيحكم فيه بالعفو.
والوجه فيه، واضح، إذ يجري استصحاب الأقلية، أو استصحاب عدم الزيادة في الفرض بلا شبهة، كما يجري استصحاب الكثرة، أو استصحاب عدم القلة لو كان الدم مسبوقا بالكثرة وعدم الأقلية.