[...] تقريبه: أن الدم قبل وجوده لم يكن متصفا بالحيضية قطعا، فإذا شك بعد وجوده، في كونه باقيا على عدم الإتصاف أو متصفا بها، يستصحب عدم الإتصاف بنحو العدم الأزلي، كاستصحاب عدم اتصاف المرأة بالقرشية، من باب عدم الإتصاف، لا الاتصاف بالعدم.
وبالجملة: موضوع أدلة العفو هو الدم الأقل الذي ليس بحيض، فهو مركب من جزئين، أحدهما: الدم الأقل، ثانيهما: عدم كونه حيضا، والأول: محرز بالوجدان، والثاني: محرز بالتعبد والأصل، ومقتضى هذا الأصل هو العفو، ولك أن تقول: موضوع العفو هو الدم الأقل غير المتصف بالحيضية، لا المتصف بعدم الحيضية، وإلا لم يجر الاستصحاب لعدم الحالة السابقة لذلك، واستصحاب عدم الحيضية بنحو العدم المحمولي، الذي له حالة سابقة لا يثبت الإتصاف بعدم الحيضية و هو العدم النعتي، إلا على القول بحجية الأصل المثبت، وهذا ممنوع، كما قرر في الأصول.
الرابع: أصالة البراءة العقلية والنقلية، إما عن وجوب إزالة الدم المشكوك و تطهيره، أو عن مانعية نجاسته، أو عن شرطية طهارة الثوب عنه.
وعليه: فلا مجال لجريان قاعدة الإشتغال، إذ مع جريان البراءة لايبقى الشك في الفراغ وبراءة الذمة حتى يحتاج إلى اليقين بالفراغ بالاحتياط.
وفيه: أن منشأ الشك في مانعية نجاسة الدم المشكوك، وكذا في شرطية طهارة الثوب عنه هو الشك في أن هذا الدم، هل يكون حيضا أم لا؟ وهذا مجرى لاستصحاب عدم الحيضية بنحو العدم الأزلي، كما عرفت آنفا، ومعه لا مجال لإجراء البراءة.