[...] الخطابان المتقدمان، فالمكلف لفقد الماء بمقدار تطهير بدنه ولباسه معا، لا يقدر حين الإمتثال إلا على أحدهما، فيندرج المقام إذا في كبرى التزاحم، كما أن المثالين يندرج فيها.
على أن ارتباطية التكليف وضمنيته لو كانت سببا لوحدته الموجبة لعدم معقولية التزاحم، للزم استحالة التعارض - أيضا - في المركبات ولو كانت من قبيل الصلاة، إذ كيف يعقل التعارض في مثل الصلاة مع فرض وحدة الأمر والتكليف؟!
وبالجملة: فكل واحد من وجوب تطهير الثوب والبدن يكون مجعولا، كمجعولية وجوب الصلاة ووجوب الإزالة، أو مجعولية حرمة الغصب ووجوب الصلاة، فكما لا مجال لتوهم التعارض في الأخيرين، كذلك المقام.
ثم إن المصنف (قدس سره) قد احتاط في المتن بتطهير البدن، وقد عرفت: أنه لعل لأجل أهميته أو احتمال الأهمية، فيدور الأمر حينئذ بين التعيين والتخيير، والأصل يقتضي التعيين في أمثال المورد الذي يكون الشك فيه في السقوط، حيث نعلم أن نجاسة البدن تكون مانعة عن صحة الصلاة أو طهارته شرطا لها، ونشك في أن العجز المفروض، هل يكون مسقطا أم لا؟ وهذا بخلاف ما إذا كان الشك في أصل الثبوت، كدوران الواجب بين التعيين والتخيير، فهنا تجري البراءة على ما قرر في الأصول، من أنها تجري فيما إذا كان الشك في طور التكليف وكيفيته، كما تجري فيما إذا كان الشك في نفس التكليف. م