[...] وأما التزاحم، فليس مورده تنافي الدليلين، أو الحكمين في مرحلة الجعل و موقف التقنين، لكونهما مجعولين على موضوعين، كوجوب الصلاة وحرمة الغصب، فلا تنافي ولا تناقض ولا تضاد بين هذين الحكمين، لا حقيقة ولا عرضا، بل التنافي بينهما، إنما هو في مرحلة الإطاعة والامتثال لعجز العبد وعدم قدرته على امتثالهما معا في زمان واحد.
ثم إنه، هل يشترط في التزاحم أن يكون كل واحد من التكليفين مستقلا - كما في مورد تزاحم وجوب إنقاذ الغريق مع وجوب إنقاذ غريق آخر، وتزاحم وجوب الصلاة مع وجوب الإزالة - أم لا؟ بل يقع بين التكليفين الضمنيين - أيضا - كمزاحمة وجوب جزء من الصلاة، مع وجوب جزء آخر منها، أو مزاحمة وجوب شرط في الصلاة، مع وجوب شرط آخر فيها، وجهان، بل قولان:
ذهب بعض الأعاظم (قدس سره) إلى الأول، بدعوى: أن التكليف في الضمني ليس إلا واحدا تعلق بعمل ذي أجزاء وشروط وجودية وعدمية، فإذا دار الأمر بين ترك جزء وجزء آخر، أو شرط وشرط آخر، أو دار الأمر بين الإتيان بمانع ومانع آخر، لا يعقل اندراج هذه الموارد في كبرى باب التزاحم، إذ المركب ذو الأجزاء والشرائط فعل واحد ارتباطي، لدلالة أدلة وجوب الأجزاء والشرائط على الجزئية والشرطية وكونها إرشادا إليهما، فالأمر بكل جزء أو شرط يكون مقيدا بانضمام البقية السابقة و اللاحقة، فمقتضى القاعدة فيه سقوط التكليف بالمرة لو عجز المكلف عن بعض