[...] عن أحد الموضعين المتنجسين من البدن أو اللباس إذا لم يمكن إزالتها عنهما، إنما يتم، بناءا على القول بأن النهي الوارد من ناحية الشرع ناش عن المفسدة المترتبة على مطلق الوجود، لأجل كونها مترتبة على كل فرد من أفراد الطبيعة، كما هو الصحيح، و يساعده الفهم العرفي، إذ حينئذ يكون كل فرد من أفراد النجاسة مانعا عن صحة الصلاة مستقلا، سواء كان مسبوقا بفرد آخر، أو ملحوقا به، أم لا.
وعليه: فتجب إزالة النجاسة بقدر الإمكان والاستطاعة، لعدم ارتفاع المانعية عن الفرد المتمكن من إزالتها عنه بوجود فرد آخر، غير المتمكن من إزالتها عنه، نظير النهي عن الكذب، أو شرب الخمر وغيرهما من سائر المحظورات، فإن النهي لا يرفع عن كذب مثلا، بجواز كذب آخر، للإضطرار ونحوه، وكذا لا يرفع عن مطلق شرب الخمر بجواز شربها في مورد خاص للإضطرار.
وأما بناءا على القول بأن النهي ناش عن المفسدة القائمة بصرف الوجود، فلا يجب في مثل المقام رفع النجاسة عن الفرد الذي يمكن رفعها منه، إذ المفروض: أن المانع هو صرف الوجود وهو متحقق بالفرد المضطر إلى لبسه، من دون أن يكون للفرد غير المضطر إليه مانعية حينئذ، لعدم ترتب الأثر عليه.
هذا نظير ما إذا نهى المولى عبده عن أن يدخل عليه أحدا، لاشتغاله بالمطالعة - مثلا - فإذا أدخل عليه أحدا، أو دخل على المولى بغير اختياره، فقد فات بذلك غرضه، وهو خلو الدار عن أي إنسان، فلا أثر بعد ذلك للفرد الثاني والثالث حينئذ،