[...] نعم، يتحقق التزاحم بين الأقل والأكثر المفروضين في موردين، كتنجس موضعين من البدن أو اللباس، فيقدم الأكثر - مثلا - لكونه أهم أو محتمل الأهمية، وهذا أجنبي عن المقام، لما عرفت: من أن وجوب الإزالة في مفروض الكلام مبتن على مبنى لزوم تخفيف النجاسة بقدر الإمكان والاستطاعة، لاعلى التزاحم والتقديم للأهمية.
وقد صرح المصنف (قدس سره) بهذا المبنى في صورة الاحتياج إلى تعدد الغسل وعدم التمكن، إلا من غسلة واحدة، فقال (قدس سره): " فالأحوط عدم تركها، لأنها توجب خفة النجاسة ".
لكن لاوجه للاحتياط هنا، بل تتعين حينئذ غسلة واحدة، كما هو واضح.
ثم إنه بقي الكلام فيما تعرضه المصنف (قدس سره) في ذيل المسألة من قوله: " إلا أن يستلزم خلاف الإحتياط من جهة أخرى، بأن استلزم وصول الغسالة إلى المحل الطاهر ".
توضيحه: أن في فرض عدم التمكن من تعدد الغسل، إنما يصح الإحتياط بعدم ترك الغسل مرة، كما عن المصنف (قدس سره) أو القول بتعينه، كما هو المختار مع عدم استلزامه لسراية النجاسة إلى المحل الطاهر، نظير ما إذا تنجست أطراف الأصابع فصب عليها الماء وانفصلت الغسالة منها بسهولة وسرعة، ونظير ما إذا تنجس جميع الثوب، فغسل بالماء مرة واحدة بلا حصول السراية.
وأما مع استلزام الغسل للسراية، فلا مجال للاحتياط المذكور، أو القول بالتعين. م