[...] تقريب الدلالة: هو أن السائل كان اعتقاده مانعية نجاسة مسجد الجبهة عن الصلاة، والإمام (عليه السلام) قرره على اعتقاده ولم يرده، وإنما رخصه في السجود على الجص، لأجل تطهيره بالماء والنار.
هذا، ولكن يشكل على الاستدلال بها، بأن الجص كيف يطهر بالماء والنار - بعد تنجسه بالعذرة وعظام الموتى - بالإيقاد عليه بهما مع اشتمال العظام على المخ الذي فيه دهن ودسومة يخرج منها بالنار!
وفيه: أولا: أن التقرير في الصحيحة دليل واضح على اشتراط الطهارة في مسجد الجبهة، والجهل بوجه طهارة الجص، وأنه كيف يطهر بالماء والنار، غير قادح في الاستدلال.
وثانيا: أن تطهير الجص بالماء والنار، معناه: أن النار تجعل العظام والعذرة رمادا، وسيأتي: أن الاستحالة تكون من المطهرات، وأن الماء يطهر الجص بغسله به، بناءا على كفاية مجرد الغسل في التطهير، وأن المتنجس مطلقا يطهر به، إلا إذا قام الدليل على اعتبار التعدد، أو الأمر الآخر، كالتعفير.
وأما انفصال الغسالة عن الجص، فهو إما لا يشترط رأسا في حصول الطهارة - كما سيأتي في محله - أو نقول: بتحققه هنا بالانجذاب، إذ الانفصال يختلف باختلاف المحال.
ألا ترى أن الأراضي الرخوة تطهر بالصب والغسل مع عدم الانفصال، أو مع الحاصل بالانجذاب.