[...] هذا، مضافا إلى أن بعض القدماء (قدس سرهم) لم يدع الشهرة أو الإجماع على وجه الكلية، بل ادعى في بعض مصاديق خاصة، كالكلب والخمر، ولعل المدعين بنحو الإطلاق والعموم ألغوا الخصوصية، فقالوا: بمنع البيع في جميع الأعيان النجسة.
فتحصل: أن مقتضى الأصل الإجتهادي من الإطلاق أو العموم، جواز بيع الأعيان النجسة وصحته، كما أن مقتضى الأصل الفقاهي العملي جوازه التكليفي و عدم حرمته، ولافرق في الحكم بالجواز، بين أن يكون البيع للاستعمال المحلل وهو الاستعمال غير المشروط بالطهارة، أو للاستعمال المحرم وهو الاستعمال المشروط بالطهارة، كما أنه لافرق - أيضا - في مورد الاستعمال المحرم بين أن يكون على وجه الإشتراط، إذ غايته فساد الشرط، لافساد البيع، وبين أن لا يكون كذلك، بل كان هناك مجرد علم البائع باستعمال المشتري له في الحرام، إذ المفروض: أنه لا تسبيب هنا، ولا إعانة على الإثم.
ثم إن هنا أدلة اخر، قد يتراءى منها منع البيع المذكور:
منها: الأصل المقتضي لفساد المعاملات لدى الشك في الصحة والفساد وهو إما يعبر عنه بأصالة عدم ترتب الأثر، أو استصحاب عدم ترتبه، وكلاهما واحد.
وفيه: أن الأصل العملي استصحابا كان أو غيره، إنما يرجع إليه إذا لم يكن في البين دليل اجتهادي، وإلا فهو حاكم عليه على ما هو المقرر في محله، والمفروض: أنه موجود في المقام وهو الإطلاقات أو العمومات الدالة على صحة العقود، كقوله تعالى:
* (أوفوا بالعقود) * و: * (أحل الله البيع) * و: * (تجارة عن تراض) *.