وهو يحصل بذهاب الشفق بل قبيله، أو شدة الظلام وهي إما بعد الشفق أو انتصافه والحمل على آخر الليل خلاف الظاهر.
مضافا إلى أنه يمكن الاستيناس لذلك من اختلاف تعبير الآية الكريمة في بيان الصلوات الأربع مع بيان صلاة الفجر فقوله تعالى: أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل (1) راجع إلى الأربع وقوله: وقرآن الفجر راجع إلى صلاته.
ومن المحتمل قريبا أن النكتة في اختلاف التعبير اتصال وقت تلك الصلوات الأربع فالقطعة المتصلة من الزوال إلى انتصاف الليل أو ذهاب الشفق وقت لها، فقال: أقم الصلاة من الدلوك إلى الغسق، ثم لما كانت القطعة المذكور منفصلة عن القطعة التي تجب فيها صلاة الفجر أفردها بالذكر بقوله: وقرآن الفجر، وهذا وجه عدم التعبير بقوله: أقم الصلاة من دلوك الشمس إلى الفجر أو إلى قرآن الفجر، وهذا شاهد على أن بين الأربع والفجر فصلا دون تلك الأربع.
وبما ذكرنا يمكن الاستظهار من الآية أن المراد من الغسق نصف الليل بأن يقال إنه لو كان المراد منه سقوط الشفق يلزم عدم تعرضها لوقت العشاء تاما، إذ لم يقل أحد بأن وقتها إلى سقوط الشفق، مضافا إلى ما دل من الأخبار المستفيضة على أن الوقت إلى نصف الليل، فلا ينبغي الاشكال في أن الغسق نصف الليل.
ثم إنه بناء على ظهور الآية في أن منتهى الوقت انتصاف الليل لا تكون الروايات الدالة على بقاء الوقت للمعذور كالحائض التي طهرت آخر الليل والناسي والنائم المستيقظ أخره مخالفة له إلا بالاطلاق والتقييد فيجب الأخذ بالمقيدات لو لم يكن محذور آخر بل لا كون رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر (2) مخالفة للآية بالتباين إذ لا دلالة لها على أنه وقت اختيارا وعدم الفوت لا ينافي كون آخر الوقت للمضطر فإن التارك عمدا ولو عوقب بتأخيره لكن