الملتفت أن الأدلة الخاصة مختصة بالخطأ ونحوه في الموضوع فلا تعم الجهل بالحكم ونسيانه ودليل لا تعاد حاكم على حديث الرفع مضافا إلى الاشكال في عمومه للشبهات الحكمية.
ووجه الثاني اطلاق صحيحة زرارة (1) بالنسبة إلى الصورة الأولى فإن قوله بعد السؤال عن حد القبلة: ما بين المشرق والمغرب قبلة كله مطلق قوي الاطلاق لما عرفت من أنه من الحقايق الادعائية وليس فيها دلالة أو اشعار باختصاصها بالموضوعات بل لعل المستفاد من ذيلها تأكيد اطلاق الصدر حيث قال: قلت: فمن صلى لغير القبلة أو في يوم غيم في غير الوقت قال فليعد فإن فرض الشبهة الموضوعية في الوقت يؤكد تعميم مقابلها للحكمية وكيف كان لا ينبغي الاشكال في الاطلاق كما لا ينبغي الاشكال في حكومتها على أدلة اعتبار القبلة كقوله (عليه السلام) لا تعاد الصلاة (2) هذا حال حكم ما بين المشرقين.
وأما التفصيل في الانحراف الزائد فلاطلاق بعض روايات الباب كصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو عبد الله: إذا صليت وأنت على غير القبلة فاستبان لك أنك صليت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد فإن فاتك الوقت فلا تعد (3).
ووجه الثالث هو تسليم وجه الصورة الأولى وانكار الاطلاق لصحيحة عبد الرحمن فإن المنساق منها الخطأ ونحوه في الموضوع سيما مع ندرة الجهل بالحكم ونسيانه في عصر أبي عبد الله (عليه السلام) مما كان حكم القبلة ضروريا بين المسلمين مضافا إلى أن اختصاص سائر الروايات على كثرتها بالموضوع يشهد باختصاص الصحيحة به مع أن قوله استبان كأنه مخصوص بالموضوع لا الحكم الكلي وكيف كان لا يمكن اثبات الاطلاق لهما وعلى هذا يكون البطلان بحسب القواعد محكما.