التعبد بوجود الطهارة والمستصحب مطلقا في موضوع الشك، وأما قاعدة التجاوز فلا تدل على التعبد به مطلقا، بل من حيث المضي والتجاوز كما هو لسان أدلتها، فقوله عليه السلام: كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو (1) يدل على عدم الاعتناء بالشك بالنسبة إلى ما مضى فالوضوء بالنسبة إلى ما مضى مبني على الوجود أو لا يعتني بشكه لا بالنسبة إلى ما يأتي، فصلاة الظهر محققة تعبدا بالنسبة إلى ما مضى وهو حيث اشتراط العصر بها لا بالنسبة إلى ذاتها التي بقي وقتها ولم يتجاوز محلها، فعلى ذلك لو قيل باشتراط الترتيب واقعا يجب عليه الاتيان بالظهر ويصير حالها كحال الوضوء والطهور.
فإن قلت: إن المحل في قاعدة التجاوز أعم من المحل الشرعي والعادي فإذا كان من عادة المصلي الاتيان بالعصر عقيب الظهر يكون المحل العادي للظهر قبل العصر من حيث كونها واجبا مستقلا لا من حيث الاشتراط.
قلت: قد فرغنا في محله عن فساد هذه الدعوى لعدم الدليل عليها إلا دعوى اطلاق الأدلة أو بعض الشواهد المذكورة في محله، وفي الاطلاق منع بعد تعيين الشارع محل الأجزاء والشرايط، فإنه مع تعيين المقنن محالها لو قال: إن مضى المحل لا يعتني بالشك يحمل عرفا على المحال المقررة، مع أن المحل العادي المختلف بحسب الأشخاص ولشخص بحسب الأزمان لا يكون محلا بنحو الاطلاق.
مع أن مثل قوله: كل ما شككت فيه مما قد مضى محمول على التجوز بنحو الحقيقة الادعائية كما هو التحقيق في باب المجازات، والمصحح للدعوى كما يمكن أن يكون مضى الوقت المقرر شرعا، يمكن أن يكون مضى المحل العادي أو هما معا أو أحدهما أو المضي المطلق، ومع صحة الادعاء بكل نحو لا دليل على التعيين ولا على الاطلاق، إذ ليس المقام كالاطلاق في سائر المقامات مثل جعل