من أدلة ايجاب الصلاة فإن قلنا بأنها تدل على الوجوب مطلقا، وأن حال الوقت كحال الطهور ماء وترابا بالنسبة إلى الصلاة، وأن الصلاة في الوقت وخارجه من قبيل تعدد المطلوب كما في سائر ما يعتبر في الصلاة، يكون المحكم قاعدة الاشتغال، وإن قلنا: إن التكليف بالصلاة أداء غير التكليف قضاء، وأن القضاء بأمر جديد فالمحكم قاعدة البراءة، وكذا مع الشك وعدم احراز أحد الأمرين.
وأما البحث بلحاظ جريان استصحاب عدم الاتيان إلى آخر الوقت فنقول:
إن جريان الأصل المذكور مبنى على أن موضوع الحكم بالقضاء هذا العنوان كما يظهر من بعض الروايات في الناسي، وأما إذا كان الموضوع عنوان الفوت فالأصل المذكور لا يثبته إلا على القول بالأصل المثبت، إلا أن يقال: إن الفوت عبارة عن عدم تحقق شئ ذي مصلحة، وفيه منع فإنه عبارة عن ذهاب المصلحة أو أمر ذي مصلحة من يده، لا نفس عدم الاتيان، فالأصل مثبت وسيأتي تتمة لذلك.
وأما استصحاب بقاء التكليف المتعلق بالصلاة فمبني على أن الأمر بالصلاة مطلق بالنسبة إلى الأداء والقضاء، فإذا شك بعد الوقت بأن التكليف سقط بالاتيان أو لا يستصحب بقائه عينا، وأما على فرض كون الأمر بالأداء غير الأمر بالقضاء، وأنه يحتاج إلى أمر جديد، أو على فرض التردد في ذلك واحتمال أن يكون على الوجه الأول أو الثاني فلا يجري الاستصحاب الشخصي.
ثم يرد على الأصل المذكور ما أورده النراقي على الاستصحابات الحكمية أو الموضوعية من تعارض استصحاب الوجود باستصحاب عدمي آخر، ففي المقام يعارض استصحاب بقاء التكليف على عنوان الصلاة إلى ما بعد الوقت باستصحاب عدم التكليف بالصلاة المتقيدة بالوقت، وكذا الحال في الأشباه والنظاير، وقد فرغنا عن جوابه في محله، وقلنا: إن الأصلين على ما ذكر لا تعارض بينهما لأن الموضوع في أحدهما مغاير لموضوع الآخر وشرط التعارض وحدة الموضوع، ومع عدم التقيد بالوقت وكونهما في موضوع واحد هي الصلاة لا يجري الثاني لعدم اتصال