لا تنقض الفريضة، وعلى ذلك يكون مفاد الحديث أن ترك الجهر لا يوجب البطلان واطلاقه يشمل ما قبل الركوع فلو أخفت في آية ثم التفت ومضى في صلاته صحت، ولو قيل بالبطلان يكون مخالفا لاطلاقه وللتعليل الوارد فيه.
وأما حديث الرفع فشموله أوضح، فإن الظاهر الذي لا ينكران المنسي مثلا مرفوع، والرفع ما دام النسيان لا يرجع إلى محصل لو أريد به الرفع ثم الوضع، ولو قيل: إن الرفع متعلق بالمنسي إلى آخر عمر المكلف فلو التفت يكشف عن عدم الرفع فهو كما ترى خلاف الظاهر جدا، فمقتضى اطلاق الدليل في المقام أن المنسي ونحوه مرفوع سواء التفت بعده قبل الركوع أو بعده أو بعد الصلاة أم لا، فمع رفع الجهر عن الآية لم يبق محل للاتيان والجبران، فإن الآية وقعت صحيحة بعد رفع الجهر أو الاخفات، والاتيان بها ثانيا خارج عن الصلاة.
نعم لو فرض كون القراءة المتقيدة بالجهر أو الاخفات جزء بنحو وحدة المطلوب فمع الجهر محل الاخفات أو العكس لم يأت بالجزء، فلا بد من الاتيان ما لم يمض وقت الجبران، لكن هذا الاحتمال ضعيف مخالف لفهم العقلاء، مضافا إلى أن اطلاق دليل اثبات القراءة يدفعه، ولا يعارضه اطلاق دليل الجهر على فرضه، فإن الظاهر من مثل قوله فرضا الجهر واجب في صلاة العشائين أنه شرط للقرائة أو الصلاة كما لا يخفى.
ثم على ما ذهبنا إليه من جريان البراءة في الأقل والأكثر، ومن عموم لا تعاد لجميع الصور إلا صورة العلم والعمد، وجريان حديث الرفع في مثل المقام، لا ثمرة مهمة للبحث عن مفاد الأدلة الخاصة، لكن لما اختلفت الأنظار في المبنى، بل لعلهم تسالموا على عدم معذورية الجاهل بحسب القواعد أو بقيام الاجماع لا بأس بالبحث عنها اجمالا.
فنقول: أما اطلاقها فمحل منع، لأنها إما في مقام بيان أحكام أخر، أو حكاية أفعال، وأما ما في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام المنقولة عن كتاب العلل