أجزاء الصلاة تبعا، وعلى ذلك فالاشتغال موجب للبطلان على الفرض، والدخول في الصلاة موقوف على تمامها، فيندفع الاشكال.
وأما لو قلنا بأن البطلان عارض بعد تمام التكبيرة، ولعل هذا مورد تسالمهم على بطلان الثانية والاحتياج إلى الثالثة، والظاهر أن نظرهم إلى أن الدخول في الصلاة لا يمكن إلا بعد بطلان ما بيده، والفرض أنها لا تبطل إلا باتمام التكبير فلا يعقل أو لا يصح كونه مبطلا ومفتاحا للصلاة.
لكن يمكن أن يقال بصحة الثانية وعدم الاحتياج إلى الثالثة، فإن المانع المتوهم أمور، منها مضادة الاشتغال بهذه وتلك، وهو غير لازم أو غير ممكن، فإن الصلاتين بوجودهما كمضادين أو مثلين وعلى هذا يكون عدم إحداهما ملايما مع وجود الأخرى غاية الملائمة لو اعتبر للعدم حيثية، وإلا يقال: عدم إحداهما غير مضاد للأخرى، والفرض أن التكبيرة بتمامها موجب لبطلان الأولى والدخول في الثانية، فهذا الظرف أو هذه الرتبة مقام الجمع بين عدم الأولى ووجود الثانية، ولا يعقل التضاد في هذا الظرف لعدم تعقل وجود المضادين.
ومما ذكر يظهر النظر في ما أفاده شيخنا العلامة من أن المبطل مبطل لتضاده مع الأثر من العمل فكيف يمكن أن يصير جزئه، فإن مضادته إنما هي مع أثر المصداق الذي كان بيده قبل التكبير الثاني لا مع أثر المصداق المتحقق بالثاني، وبعبارة أخرى أنه مضاد لأثر الفرد الباطل به، ولا ينافي ذلك صيرورته جزء لفرد آخر.
ومنها أن التكبير الثاني لا يمكن أن يقع امتثالا للأمر بالتكبير مع وجود الأول، لامتناع تكرر الامتثال، ومع عدم الأمر يقع باطلا، وفيه - مضافا إلى أن الأجزاء لا أمر لها نفسيا، لا مستقلا وهو ظاهر، ولا ضمنيا لما حقق في محله، ولا غيريا، بل الأوامر المتعلقة بها ارشاد إلى الجزئية كالأوامر المتعلقة بالشروط فلا معنى للامتثال - أن الامتثال إنما هو بعد تمام التكبيرة، وهو ظرف بطلان الأولى، فلا مانع من وقوعها امتثالا، ومنه يظهر النظر في توهم أن التكبير لا يعقل أن يصير جزء مع وجود التكبيرة