المتوهم تعلقه بالتمام، فلا يعقل تصحيحها لأنه لم يأت بالمأمور به ولم يكن قاصدا لإطاعة أمر المولى، فما أتى به بعنوانه غير مأمور به وما هو المأمور به لم يأت به.
وتوهم كون الداعي له هو الأمر الواقعي والخطأ إنما هو في التطبيق غير صحيح في الفرض لأن الداعي له لا يعقل أن يكون الأمر الذي يقطع بعدم وجوده، وما هو الداعي ليس إلا توهم الأمر لا الأمر الواقعي، وقد قلنا في غير المقام: إن الانبعاث لا يكون في مورد من الموارد من الأمر الباعث انشاء، بل مع القطع بأمر المولى يكون الباعث للإطاعة مبادئ أخر موجودة في المكلف كالخوف من العقاب أو الرجاء للثوب أو غيرهما من المبادئ، ومع تخيل الأمر يتحقق الانبعاث بواسطة تحقق المبادئ، وبالجملة أن حديث الخطأ في التطبيق مع كون الداعي هو الأمر الواقعي لا ينطبق على هذا الفرض.
وإن قلنا بأن الأمر متعلق بعنوان صلاة الظهر مثلا وطبيعتها، والقصر والاتمام كيفيتان في المأمور به، نظير الترتيبي والارتماسي بالنسبة إلى غسل الجنابة، فإن الأمر المتعلق بطبيعة الغسل واحد، وله في مقام الاتيان كيفيتان وليس للترتيبي أمر وللارتماسي أمر آخر، يصح أن يقال: إن المكلف قاصد للأمر الواقعي المتعلق بطبيعة صلاة الظهر، وأخطأ في مقام الامتثال بتطبيقه على إحدى الكيفيتين، فأتى بعنوان التمام بتوهم أن تكليفه الاتيان بها بهذه الكيفية، فإذا سها وسلم في الثانية صحت صلاته، لكونه آتيا بالمأمور به مع كون داعيه الأمر الواقعي، وكذا الحال في العكس.
هذا إذا قلنا بأن صحة العبادة متوقفة على قصد الإطاعة والأمر، وأما إن قلنا بعدم الحاجة إليه، بل الاتيان بها بقصد القربة والخلوص مجز وإن لم يكن لها أمر كما في باب التزاحم لو قلنا بسقوطه، أو كان الأمر ولكن لم يقصده وكان الداعي هو التقرب، فتصح صلاته أيضا، فإن الآتي بصلاة الظهر بعنوان التمام لله تعالى إذا سلم في الثانية قد أتى بصلاة مأمور بها متقربا إلى الله تعالى، ولا تتوقف الصحة إلا على ذلك، نعم لو قلنا بأن كلا من عنواني القصر والاتمام دخيل في المأمور به ولا بد من قصده لا يمكن التصحيح لكنه مما لا دليل عليه.