من معاملة التعارض والترجيح للروايات المقابلة لصحيحة الحلبي المخالفة لمخالفتها للشهرة وموافقتها للعامة وموافقة مقابلاتها للسنة.
وإن أبيت عن استهجان التقييد، فنقول: إن صحيحة الحلبي لاجمالها لا تصلح لتقييد تلك الصحاح، وذلك لأن فيها احتمالين متناقضين، فإن كلمة نعم في جواب قوله: أليس كان من نيته أن يكبر يحتمل أن تكون حرف تصديق يراد منها أنه لم يكن من نيته ذلك، فقال: فليمض أي إذا لم يكن من نيته وكان ناسيا لها رأسا صحت صلاته، وهذا مقابل ما حكى عن العامة، وفي مقابله ما إذا كان نسيانه بعد تعلق إرادته بالتكبيرة فنسيها، وهو وإن كان نادرا لكنه واقع، ويحتمل أن يكون المراد بها الضد، أي أنه كان من نيته كذلك، فالأمر دائر بين الاحتمالين المتناقضين، ودعوى الظهور في أحد الطرفين عهدتها على مدعيها، ومع الاجمال لا تصلح للتقييد.
ومنها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قلت له: الرجل ينسى أول تكبيرة (من) الافتتاح، فقال: إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرأ ثم ركع، وإن ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه (مقامه) في موضع التكبير قبل القراءة (أو) وبعد القراءة، قلت: فإن ذكرها بعد الصلاة قال: فليقضها ولا شئ عليه (1).
بدعوى ظهورها في صحة الصلاة مع ترك تكبيرة الاحرام إذا تذكر بين الصلاة بعد الركوع أو تذكر بعد الصلاة.
وفيها منع فإن الظاهر من قوله: أول تكبيرة الافتتاح، إن المنسي هو التكبيرة الأولى من التكبيرات السبع الافتتاحية، كما أن أول تكبيرة من الافتتاح ظاهر في ذلك، وحمل من على البيانية خلاف الظاهر، وإنما قال أول تكبيرة لأن تعيين الأولى والثانية إلى آخرها كأنه قصدي، فأراد الاتيان بها واحدة بعد واحدة فنسي الأولى ونوى التكبيرة الثانية ثم كبر الثالثة إلى آخرها، فالمنسية تكبيرة مستحبة والأمر بالقراءة محمولة على الاستحباب كما أن الأمر بالاتيان بها بين الصلاة والقضاء بعدها