وحرمة تأخيرها عنه ثابت بالأدلة بل بالضرورة، ودليل القاعدة لا يدل على توسعة الوقت تحقيقا وهو واضح، ولا تنزيلا لما عرفت سابقا والتنزيل في ادراك الصلاة ليس من آثاره إلا كون المدرك أداء ولا يجوز تأخيره ويجب المبادرة إليه، وليس من آثار هذا التنزيل توسعة الوقت ولا التنزيل منزلة الوقت، بل الظاهر أنه نزل ادراك الركعة منزلة ادراك الصلاة في الجملة إن لم نقل بتنزيله منزلة ادراك أربع ركعات.
وكيف كان لا يدل دليل القاعدة لا المرسلة ولا غيرها على جواز التأخير عمدا نعم لو أخرها عمدا إلى مقدار ادراك الركعة يجب عليه المبادرة ويكون أداء وإن عوقب على التأخير.
وربما يقال: إن القاعدة لا تشمل من أدرك مقدار ركعة من الوقت حتى لذوي الأعذار فضلا عن العامد فإن مفادها ادراك الركعة لا ادراك مقدار من الوقت يسعها، وادراكها فعلا بالاتيان بها في الوقت، فمن لم يأت بها لم يكن مدركا فعلا لها، فلم يشمله الدليل الظاهر في فعلية الادراك التي لا تنطبق إلا على الآتي بها، فلو التفت إلى ضيق الوقت حتى في أثناء الركعة لم يكن مشمولا للدليل.
وفيه أن قوله (عليه السلام): من أدرك ركعة في معنى إذا الشرطية المفيدة للادراك الاستقبالي ولو بنظر العرف، بل المناسبات المغروسة في الأذهان العرفية موجبة لاستفادة أن الصلاة الواقعة في الوقت بركعة منها كافية في ادراك جميعها، فقوله: من أدرك معناه عرفا أن ادراك الصلاة بادراك ركعة منها من غير نظر إلى حال مضي الصدور أو استقباله، فقوله ذلك كقوله: من أدرك زيارة بيت الله فثوابه كذا، فإن الظاهر أن لزيارته الثواب الكذائية سواء كان آتيا أم ممن يأتي فيما بعد.
(الثالثة) هل القاعدة تعم جميع الصلوات الخمس أو تختص بالعصر والعشاء والصبح دون الظهر والمغرب مما يلزم شمولها لها التزاحم في الوقت الخاص بالعصر والعشاء، وربما يؤيد الثاني بأن روايات الباب غير المرسلة متعرضة للعصر والصبح وتلغى الخصوصية بالنسبة إلى العشاء دون الظهر والمغرب لوضوح الخصوصية فيهما،