وإيراد بعضهم عند هذه المسألة حديث " من كفر مسلما فقد كفر " ليس في محله، بل لم يرد الحديث بهذا اللفظ وإنما ورد بلفظ: " من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما " رواه الإمام مالك رحمه الله تعالى في " الموطأ " (ص 984) والبخاري (10 / 514) ومسلم (1 / 79) من حديث ابن عمر مرفوعا.
ورواه البخاري (10 / 464) عن أبي ذر مرفوعا بلفظ: " لا يرمي رجل رجلا بالفسوق. ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك ".
فهذا الحديث يتناول ويقرر حكم من يرمي مسلما بكفر ولم يقع الإنسان الذي رمي بالكفر ما يوجب الكفر والارتداد، وإلا فالعلماء حكموا على كثير من الأشخاص بأعيانهم بالكفر، وهذا الشافعي يقول لحفص الفرد - أحد المبتدعة إن صح -:
" كفرت بالله العظيم يا حفص ". [أنظر " سير أعلام النبلاء " (10 / 32) وغيره].
وبذلك يتبين أن من يجادل ويماري في هذه المسألة ويستعملها في غير ما وضعت له متنكب عن سبيل أهل الهدى والحق وكذا مخالف لما عليه علماء أهل السنة والجماعة، فافهم.
[المسألة الثانية]: يخطئ بعض الناس الذين ينسبون أنفسهم للعلم فيقول أحدهم عن قول كفري: نعم أوافقك على أن هذا الأمر كفر، ولكن نقول: هذا كفر ولا نكفر صاحبه!!
ونقول لهم: ليس كذلك!! وقد خالفتم القرآن الكريم الذي بين الله فيه أن صاحب الكلمة الكفرية يحكم عليه بالكفر أيضا، وذلك في قوله تعالى (ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) التوبة: 74.
فقد بين الله تعالى لنا في هذه الآية بصريح العبارة أن من صدرت منه كلمة الكفر صار كافرا وليس بعد بيان الله تعالى بيان، فافهم.