فمن اعتقد بعد هذا بأن الله سبحانه وتعالى روح وأنه اجتزأ من تلك الروح قطعة فكانت سيدنا آدم أو سيدنا عيسى أو غير ذلك فقد كفر وارتد، فهذا معنى الحديث وهو من الأحاديث المهمة في هذا الباب. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري شرح صحيح البخاري) (6 / 475):
(قال النووي (10): هذا حديث عظيم الموقع وهو من أجمع الأحاديث المشتملة على العقائد، فإنه جمع فيه ما يخرج عن جميع ملل الكفر على اختلاف عقائدهم وتباعدها، وقال غيره: في ذكر عيسى تعريض بالنصارى وإيذان بأن إيمانهم مع قولهم بالتثليث شرك محض، وكذا قوله (عبده)... تعريض باليهود في إنكارهم رسالته وقذفه بما هو منزه عنه وكذا أمه) انتهى.
فصل تبين من الآيات والحديث المتقدم أن علم أصل الدين هو علم التوحيد، وهو أجل العلوم وأشرفها وأعظمها على الإطلاق وتعلمه وتعليمه من أهم الواجبات لقوله تعالى: * (فاعلم أنه لا إله إلا الله) *، ولقوله تعالى: * (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا اعتدنا للكافرين سعيرا) *.
وكيف يمكن علم لا إله إلا الله، والإيمان بالله عز وجل ورسوله دون تعلم هذا العلم الذي يتميز به المؤمن المسلم عن غيره؟! * (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) * وهل يتصور أن يعرف العبد ما يجب لله عز وجل وما يجوز وما يستحيل دون العكوف على دراسة القواعد التوحيدية الموجودة في الكتاب الكريم والسنة المطهرة وتفهمها جيدا؟!
ومن ابتعد عن معرفة هذه المعارف والعلوم التي أمرنا الله عز وجل بمعرفتها وطلب علمها استحق أن يقال له يوم القيامة توبيخا وتقريعا، كما قال تعالى: