عمل الصحابة رضي الله عنهم بذلك (أي عرضهم الحديث على القرآن):
1 - تقدم معنا في فصل إثبات أن خبر الواحد يفيد الظن ولا يفيد العلم أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رد حديث فاطمة بنت قيس في قضية النفقة والسكنى للمطلقة ثلاثا وقال لها: (لا نترك كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري حفظت أم نسيت) وهو في مسلم (2 / 1118) ويمكن أن يقال بأن هذا إجماع.
2 - وتقدم رد السيدة عائشة على سيدنا عمر وابنه عبد الله في مسألة تعذيب الميت ببكاء أهله عليه لأنه معارض لقوله تعالى * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * وهو في صحيح البخاري (3 / 151 - 152) ومسلم (2 / 638 - 642).
3 - وتقدم أيضا ردها على من قال بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه، فرأت السيدة عائشة أن هذا معارض لقول الله تعالى * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) * ولقوله تعالى * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب...) * كما في صحيح البخاري (8 / 606) ومسلم (1 / 159 برقم 287).
تقرير أئمة السلف والمحدثين والعلماء لذلك أيضا:
اقتصر هنا على مثالين اثنين في هذا خشية الإطالة فأقول:
1 - رد الإمام أحمد - وهو من السلف ومن المحدثين - حديث (رفع عن أمتي النسيان والخطأ وما استكرهوا عليه) فقال كما نقل الحافظ ابن حجر في (تلخيص الحبير) (1 / 282):
(ونقل الخلال عن أحمد قال: من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف كتاب الله وسنة رسول الله ص، فإن الله أوجب في قتل النفس الخطأ الكفارة) انتهى.
قلت: الحديث صحيح عندنا وقد فهم الإمام أحمد منه أنه مخالف للقرآن فرده، وقد تقدم الكلام على هذا في المكلف والتكليف فلا تغفل عنه.