صفات الرسل والأنبياء وما يجب في حقهم:
إعلم يرحمك الله تعالى أن الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام متصفين بصفات النبوة التي يستحيل أن يتصفوا بضدها وهي الأمانة والصدق والفطانة وتبليغ جميع ما أمروا بتبليغه وعصمتهم من مقارفة الذنوب والفسق وأخلاق السفهاء ونحوهم.
[الصفة الأولى]: صفة العصمة:
للعلماء عدة تعاريف للعصمة وهي متقاربة أو متحدة في المعنى، وأحسنها: أن العصمة ملكة نفسية يمنع الله تعالى بها نبيه من الفجور، فتكون معناها على هذا هو: حفظ ظواهرهم وبواطنهم عليهم الصلاة والسلام من التلبس بالكفر والمعاصي وما نهى الله تعالى عنه.
وعلي التحقيق يقال: هم معصومون من الكبائر والصغائر التي فيها خسة ودناءة قبل النبوة وبعدها، ويجوز أن يقعوا في الصغائر التي لا خسة فيها عند بعض العلماء، والتحقيق أن ذلك لا يقع بعد النبوة، والله تعالى يتولى تنشئتهم على الأخلاق الفاضلة الحميدة، فسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مثلا، كان مشهورا بين قومه عند أهل مكة وغيرها بالصادق الأمين، وكانوا يرضونه محكما بينهم في تنازعاتهم كما هو معروف ومشهور.
فمما ورد في ثبوت عصمتهم قوله تعالى على وجه العموم * (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * الصف: 23، وقوله تعالى * (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) * البقرة: 44 فهذه الأمور يقبح فعلها من غير الأنبياء فكيف تقع من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟! وقال سيدنا شعيب لقومه * (وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) * هود: 88، ووصف الله تعالى لنا سيدنا إبراهيم وسيدنا إسحاق وسيدنا يعقوب بقوله: * (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات) * الأنبياء: 90، وقال تعالى * (وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) * وقال