صفة الكلام قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
(وأن القرآن كلام الله، منه بدا بلا كيفية قولا، وأنزله على رسوله وحيا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق ككلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر حيث قال تعالى: * (سأصليه سقر) *، فلما أوعد الله بسقر لمن قال: * (إن هذا إلا قول البشر) *، علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ولا يشبه قول البشر، ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين، نزل به الروح الأمين، فعلمه سيد المرسلين، وهو كلام الله تعالى، لا يساويه شئ من كلام المخلوقين، ولا نقول بخلقه).
الشرح:
الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الله تعالى متكلم لقوله سبحانه * (وكلم الله موسى تكليما) * وأن كلامه ليس بحرف ولا صوت ولا لغة - يعنون الصفة الذاتية - لأن ذلك علامة الحدوث، وصفة الحادث لا القديم، وأن هذا بالنسبة للصفة القائمة بذات المولى وبنفسه تبارك وتعالى، وأنه سبحانه (لما) أراد أن يفهم عباده ما يريده منهم ويعلمهم بأمره ونهيه وما حدث أو سيحدث، وشاء سبحانه أن لا يكون خطابه مواجهة لعباده في الدنيا ومباشرا لهم، (خلق) في اللوح المحفوظ عبارات وكلاما بالعربية يعبر لهم بها عما يريده منهم فسماه سبحانه قرآنا، كما خلق عبارات باللغة العبرية تعبر عما يريده من بني إسرائيل سماها توراة، وهكذا الإنجيل والزبور وسائر كتبه المنزلة.
وهذا النظم العربي الذي خلقه سبحانه في اللوح المحفوظ أخذه سيدنا جبريل بأمره تعالى إما كتابة وإما حفظا من اللوح المحفوظ ونزل به منجما على سيدنا محمد