شرح مسألة الموت ونعيم القبر وعذابه وبيان هذا الأمر بالتفصيل:
يتضمن مبحث الإيمان بالموت عدة مباحث لا بد من تجليتها وبيان حقيقتها وإزالة ما ران في عقول الناس من خطأ يتعلق ببعضها، وهذه القضايا هي: مسألة الوفاة وقبض الروح وأنها ليست عذابا ولا ألما، ومسألة سكرة الموت وهي أيضا ليست ألما ولا عذابا وهي تحصل لبعض الناس دون بعض، ومسألة ذهاب الروح - وهي حقيقة الإنسان المدرك الباصر السامع - إلى عالم البرزخ إن كان صالحا ينعم مع عباد الله الصالحين وإن كان طالحا فيعذب مع العباد المجرمين، ومسألة نعيم القبر وعذابه الذي هو في الحقيقة نعيم البرزخ وعذابه، فلنذكر هذه المسائل على سبيل التفصيل دون إسهاب ممل فنقول:
مسألة الوفاة وقبض الروح وأنها ليست ألما ولا عذابا:
قال الله تعالى (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) النحل: 32. وقال تعالى (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء، بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) النحل: 28. وقال تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون) السجدة: 11.
واعلم أن الوفاة وقبض الروح للمؤمن ليس فيها عذاب ولا ألم البتة خلافا لما يصوره ويقوله بعض الناس!! والدليل عليه قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " الزمر. 42.
بين الله سبحانه في هذه الآية أن النوم نوع من الموت وفيه وفاة، فالله سبحانه يتوفى الأنفس التي لم تمت حينما تنام وكلنا لا يشعر ألما في هذه الوفاة، وسكرة الموت هي مثل نعاس النوم بالضبط، والفرق بين النوم والموت أن الموت يبقى فيه العبد بكامل إدراكه وينتقل انتقالا كاملا إلى عالم البرزخ، خلافا للنوم فهو لا يذكر