(فصل): في بيان أربعة أحاديث باطلة تتعلق بالكرسي:
(الحديث الأول): روي عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:
[سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى (وسع كرسيه السماوات والأرض) قال:
كرسيه موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره].
وهذا باطل مرفوعا وموقوفا!! وما هو إلا هراء يجل مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ابن عباس رضي الله عنهما أن يفوها به، إلا إن حكياه عن اليهود في مقام ذم عقائدهم الباطلة وذكر فساد ما يقولون!! وقد رواه مرفوعا الخطيب البغدادي في " تاريخه " (9 / 251)، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1 / 22)، ورواه موقوفا الطبراني في " الكبير " (12 / 39) والحاكم (2 / 282) والمجسم الكذاب محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب " العرش "، قال ابن كثير في تفسيره (1 / 317): " كذا أورد هذا الحديث الحافظ أبو بكر بن مردويه من طريق شجاع بن مخلد الفلاس فذكره وهو غلط " ثم قال بعد ذلك بقليل: " وقد رواه ابن مردويه من طريق الحاكم بن ظهير الفزاري الكوفي وهو متروك عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ولا يصح أيضا ".
قلت: الصحيح عندنا في هذا الحديث أنه إسرائيلي مأخوذ من كعب الأحبار لأن أبا هريرة وابن عباس رضوان الله عليهما رويا عن كعب الأحبار كما في " تهذيب الكمال " للحافظ المزي (24 / 190)، فإذا علمت ذلك فستعرف خطأ الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد " (6 / 323) حيث اكتفى بالتصريح بأن رجاله رجال الصحيح وكذا الإمام الحاكم في المستدرك حيث صحح الموقوف أيضا على شرط الشيخين وأقره الذهبي رحمهم الله تعالى، فلا تغفل عن هذا لأن هؤلاء رحمهم الله تعالى كثيرا ما يصححون فيرد تصحيحهم، وقد روي نحو هذا الحديث عن أبي موسى الأشعري موقوفا كما في " الأسماء والصفات " ص (404) للحافظ البيهقي رحمه الله تعالى، وقد تأول هذا النص البيهقي هناك بقوله: " ذكرنا أن معناه فيما نرى أنه - أي الكرسي - موضوع من العرش موضع القدمين من السرير،