الفكر في جلال الله وعظمته وكبريائه وفيه مقامان:
(1) المقام الأول: وهو الأعلى (137):
الفكر في ذاته وصفاته ومعاني أسمائه، وهذا مما منع منه حيث قيل: (تفكروا في خلق الله تعالى ولا تفكروا في ذات الله) (138)، وذلك لأن العقول تتحير فيه فلا يطيق مد البصر إليه أحد من الخلق حقيقة، فلا يعرف الله على الحقيقة إلا الله تعالى وحده.
فالنظر إلى ذات الله تعالى يورث الحيرة والدهش واضطراب العقل، فالصواب إذن أن لا يتعرض لمجاري الفكر في حقيقة ذات الله سبحانه وصفاته، فإن أكثر العقول لا تحتمله، بل القدر اليسير الذي صرح به بعض العلماء هو: أن الله مقدس عن المكان، ومنزه عن الأقطار، والجهات، وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه، ولا هو متصل بالعالم ولا هو منفصل عنه، قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته. بل ضعفت طائفة عن احتمال أقل من هذا إذ قيل لهم: إنه يتعاظم ويتعالى عن أن يكون له رأس ورجل ويد وعين وعضو، وأن يكون جسما مشخصا له مقدار وحجم. فأنكروا هذا وظنوا أن ذلك قدح في عظمة الله وجلاله، حتى قال بعض الحمقى من العوام: إن هذا وصف بطيخ هندي لا وصف الإله! لظن المسكين أن الجلالة والعظمة في هذه الأعضاء. وهذا لأن الإنسان لا يعرف إلا نفسه فلا يستعظم إلا نفسه، فكل ما لا يساويه في صفاته