فصل في بيان أن الإنسان يكون بعد موته في البرزخ لا في القبر إعلم يرحمك الله تعالى أن المراد بنعيم القبر وعذابه على التحقيق هو نعيم البرزخ وعذابه، لقوله تعالى (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون: 100، والبرزخ هو العالم الذي ينقل الله تعالى إليه الأرواح بعد الممات، وروح الإنسان هو المدرك العالم الباصر السامع في الإنسان على التحقيق، والجسم ثوب لا غير، والدليل عليه ما جاء في الحديث الصحيح أن أهل الجنة يدخلونها وأجسامهم مثل سيدنا آدم طول أحدهم ستين ذراعا وعرضه سبعة أذرع (244) وغير ذلك.
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
" إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: أخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان، فتخرج كأطيب ريح المسك، حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتون به باب السماء، فيقولون:
ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألون: ماذا فعل فلان ماذا فعل فلان؟! فيقولون: دعوه فإنه كان في غم الدنيا، فإذا قال: أما أتاكم قالوا ذهب به إلى أمه الهاوية.
وإن الكافر إذا احتضر أتته ملائكة العذاب بمسح فيقولون أخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله عز وجل فتخرج كأنتن ريح جيفة، حتى يأتون به باب الأرض، فيقولون: ما أنتن هذه الريح حتى يأتون به أرواح