(رابعا): الكرسي:
لقد ورد ذكر لفظ الكرسي في القرآن الكريم في آية الكرسي في سورة البقرة في قوله تعالى (وسع كرسيه السماوات والأرض). وروى الحافظ ابن جرير الطبري في " تفسيره " (3 / 9) بسند صحيح عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: [(وسع كرسيه) كرسيه: علمه].
وقد ذهب جمهور علماء أهل السنة إلى أن الكرسي غير العرش، وذهب جماعة من السلف إلى أن الكرسي هو العرش كما ذكره ابن جرير في " تفسيره " (3 / 10) وقال القرطبي في " تفسيره " (3 / 278) هو مذهب الحسن بن أبي الحسن. قلت:
ولا يثبت هذا عن الحسن لأن في سنده إليه جويبر عن الضحاك والأول منهما متروك والثاني ضعيف.
ثم أخطأ القرطبي بقوله في " تفسيره " (3 / 277):
" وأرباب الإلحاد يحملونها - أي لفظة (وسع كرسيه السماوات والأرض) - على عظم الملك وجلالة السلطان وينكرون وجود العرش والكرسي وليس بشئ " ا ه.
أخطأ القرطبي لأن سيدنا ابن عباس وغيره أولوها بالعلم، بل القرطبي نفسه أولها بالعلم قبل ذلك وكذا الحافظ ابن جرير في تفسيره! فتأمل!
والذي نقوله هو: إن العرش جسم لقوله تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) الحاقة: 17، وأما الكرسي فنقول بأنه جسم آخر دون العرش خلقه الله تعالى لحكمة يعلمها (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) وهو غير قطعي خلافا للعرش، فمن خالفنا في ذلك ونفاه أو قال إنه هو العرش أو كناية عن العلم في الآية لم نعترض عليه ولم نضلله وله اجتهاده فهذا من فروع العقيدة لا من أصولها.