(ثالثا): ولا أريد الإسهاب في بيان أمور أخرى في هذا النص إلا أنني الآن اقتصر على التنبيه السريع على أن إمام الحرمين رأى هنا تفويض بعض الألفاظ الواردة في مسائل الصفات التي تعذر فهمها بموجب اللسان العربي أي ني اللغة فهذه التي رأى تفويضها لا سيما وقد ثبت أن السلف من الصحابة فمن بعدهم أولوا كثيرا من آيات وأحاديث الصفات كما نجد ذلك في تفسير الحافظ السلفي ابن جرير الطبري وفيما نقلته في مقدمة كتاب (دفع شبه التشبيه) وفي هذا الكتاب من تأويل السلف للصفات!! فاعلم ذلك ولا تغفل عنه!!
فإذا علمت هذا وفهمته عرفت وتحققت أن ما يشيعه المجسمة والمشبهة في كل عصر ومصر من رجوع إمام الحرمين عن علم الكلام وقوله بدين العجائز ما هو إلا خرافة وكذب لا أساس له من الصحة، وقد انغر بهذه الشائعة المتهافتة بعض أهل العلم وطلابه فنقلوها على أنها من الأمور المسلمات ولم يدركوا أنها الشائعات المغرضات المضلات!! وزعمهم أن إمام الحرمين رجع عن علم الكلام في الرسالة النظامية ما هو إلا هراء لا ينطق به إلا من حرم التبصر والتفكير في أن نفس الرسالة النظامية هي أحد مصنفات إمام الحرمين في علم الكلام!! والله الهادي إلى سواء السبيل.
ثاني من زعموا أنه رجع عن علم الكلام وعن مذهبه:
2) الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله تعالى:
ذكر الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (21 / 501) في ترجمة الإمام الرازي ما نصه:
(وقد اعترف في آخر عمره (23) حيث يقول: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق