وكسبه المنسوب إليه هو أيضا مخلوق لله تعالى، وذلك لان هذا الامر هو عبارة عن تعلق القدرة وصفة الخالقية بالمخلوق وهذا مما لا يمكن لمخلوق أن يدركه لأنه إدارك لصفة الله تعالى، والله سبحانه وصفاته خارج عن طور الادراك وإمكانيته وإنما يدرك من ذلك الأثر لا المؤثر الحقيقي سبحانه وتعالى.
الآيات الدالة على أن أعمالنا مخلوقة لله تعالى مع كوننا مخيرين فيها:
قال الله تعالى: * (والله خلقكم وما تعملون) * الصافات: 96، وقال تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * الأنفال: 17.
وقال تعالى: * (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وان تصبهم سيئة يقولون هذه من عندك، قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) * النساء: 78. ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الحسنة والسيئة والنعمة والمصيبة من عنده على التحقيق، لأنه هو خالق الخير والشر، وهو سبحانه النافع والضار * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) * ثم بين سبحانه بعد هذه الآية أنه ينبغي للعبد أن يتأدب مع الله تعالى فينسب الخير إلى الله والشر لنفسه، فقال سبحانه: * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * النساء: 79. وفي قصة الخضر أكبر بيان في تعليم التأدب في نسب الشر إلى الانسان والخير إلى الله سبحانه وتعالى، فانظر إلى قول سيدنا الخضر عليه السلام عن خلع لوح السفينة * (فأردت أن أعيبها) * فنسب الإرادة في هذا الامر اليه لان ظاهر الامر شر محض، وقال في قتل الغلام * (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة) * فنسب جهة قتله له لان ظاهرها شر محض ونسب جهة نفع أبويه إلى الله لأنها جانب الخير فقال * (فأردنا) *، وقال في بناء الجدار لأنه خير محض * (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما) * فتأمل جيدا!!
وقال تعالى * (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليه القول فدمرناها تدميرا) * الاسراء: 16.