فصل مناقشة قضية داخل العالم وخارج العالم أي متصل أو منفصل من جهة أخرى قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى ورضي عنه (168):
(فإن قيل: فنفي الجهة يؤدي إلى المحال وهو إثبات موجود تخلو عنه الجهات الست ويكون لا داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه وذلك محال!!) قلنا: إذا كان هذا الموجود جسما يأخذ حيزا في الفراغ وله حد أي طول وعرض وارتفاع بأي شكل كان ثم وصفناه بعد ذلك بأنه لا متصل ولا منفصل أي لا داخل العالم ولا خارجه ولا هو في جهة كان ذلك مقتضيا الإخبار عن عدمه، وقولنا ساعئذ لا هو متصل ولا منفصل محال.
وهو كقول القائل يستحيل أن يوجد موجود لا يكون عاجزا ولا قادرا ولا عالما ولا جاهلا ولا أعزب ولا متزوج ولا ذكرا ولا أنثى أو خنثى ولا في نور ولا في ظلمة!!
فإن كان ذلك الشئ قابل للمتضادين فيستحيل خلوه من أحدهما، وأما إذا كان جمادا مثلا وهو الذي لا يقبل واحدا منهما لأنه فاقد لبعض شروط هذه الصفات وهي الحياة فلا يستحيل وجوده حينئذ، فكذلك شرط الاتصال والانفصال والاختصاص بالجهات والتحيز والقيام بالمتحيز من صفات الأجسام والأعراض، فإذا كانت هذه صفات الجسم الذي نعرفه فالله تعالى ليس كذلك لأننا عاجزون عن إدراكه ولا يمكننا أن نقيس عليه غيره لأنه سبحانه ليس من جنس الأجسام ولا له شكل وهيئة، وكل ما خطر في أذهاننا فالله تعالى ليس كذلك لأنه أخبر بذلك فقال * (ليس كمثله شئ) * و * (لم يكن له كفوا أحد) *.