تنزيه وجود الله تعالى عن الزمان والمكان قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
(لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات).
الشرح:
ذكرنا فيما تقدم أن أول صفة واجبة في حق المولى سبحانه وتعالى هي صفة الوجود، وأن الشرع أرشد إلى وجوب النظر في ملكوت السماوات والأرض ليتعرف الإنسان من هذه المخلوقات على وجود الخالق سبحانه وتعالى، ومن هذه المصنوعات على وجود الصانع جل وعز، وقد تقدم الدليل العقلي على وجوده سبحانه وتعالى في خلق الإنسان من نطفة إلى أن صار بشرا سويا.
ومما يجدر بيانه هنا عند الكلام على صفة الوجود للمولى سبحانه وتعالى أن وجوده ليس كوجود الخلق، وذلك يتضمن أمورا وهي: أنه سبحانه ليس جسما ولا صفة، فليس له حد ومقدار، أي غاية ونهاية كالموجودات التي نراها، أي حدودا وأبعادا ينتهي إليها، لأن هذا كله من صفات الأجسام، ولا يعني هذا أنه جسم كبير جدا بحيث لا يوجد له أبعاد ولا حد ينتهي إليه، كلا وبلا، بل يجب أن نعتقد أن الله سبحانه وتعالى لا يستطيع مخلوق أن يدركه أو يتصوره وكل ما خطر في بالنا وفي أذهاننا فالله تعالى بخلاف ذلك، وهذا هو أس الإيمان وأساسه بعد الإيمان بوجوده تعالى، وهذا كله تحقيق وامتثال لقول الله عز وجل: * (ليس كمثله شئ) * وقوله تعالى: * (ولم يكن له كفوا أحد) * وقوله تعالى * (هل تعلم له سميا) * أي مشابها ومماثلا، وتحقيقا لقوله تعالى * (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) *.
فهذا ما يجب أن يعرفه المسلمون جميعا، ويجب أن ندرك هنا أن صفة الوجود