[القضية الثامنة الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى]:
يظن بعض الناس في هذه الأيام أن الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ولو في قضية واحدة كفر وشرك وخروج عن الملة وليس الأمر كذلك بل في المسألة تفصيل وهو:
أن من حكم بغير ما أنزل الله تعالى وهو يعتقد بأن الأحكام الوضعية أفضل من أحكام الله تعالى أو تساوي حكم الله تعالى كان كافرا مرتدا.
وأما من حكم بغير ما أنزل الله تعالى وهو يعتقد بأن حكم الله تعالى هو الأفضل! مستشعرا أنه عاص مذنب فيما قام به فهو معصية وفسق وليس كفرا، وهذا مثل من يشرب الخمر أو يزني مثلا فإن كان مستحلا لذلك فهو كافر وإن كان معتقدا أنه مخالف لأمر الله تعالى وعاص بفعله فهو فاسق وليس كافرا، وتقدمت القاعدة المعروفة عند أهل السنة والجماعة أننا لا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، فإن استحله كفرناه.
وعلى هذا التفصيل يحمل قوله جل وعز في آية (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) المائدة: 44 وفي آية أخرى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) المائدة: 47 وفي آية ثالثة (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) المائدة: 45.
قال الإمام القرطبي في " أحكام القرآن " (6 / 190):
[قوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) و " الظالمون " و " الفاسقون " نزلت كلها في الكفار، ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث البراء، وقد تقدم. وعلى هذا المعظم. فأما المسلم فلا يكفر وإن ارتكب كبيرة. وقيل: فيه إضمار، أي ومن لم يحكم بما أنزل الله ردا للقرآن، وجحدا لقول الرسول عليه الصلاة والسلام فهو كافر، قاله ابن عباس ومجاهد، فالآية عامة على هذا. قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لم يحكم