الدليل الثاني الموهوم:: عليكم بدين العجائز:
ومن الأدلة الفاسدة التي لا عبرة بها قول بعضهم (عليكم بدين العجائز) أو أهل البادية وما شابه ذلك، وهذا دليل باطل لا يصح أن يستدل به في مسائل العقيدة ولا في غيرها، وقد نص أهل الحديث كالحافظ السخاوي في كتابه (المقاصد الحسنة) ص (260 حديث رقم 714) على أن هذه العبارة لا أصل لها بهذا اللفظ.
قلت: ولا بغير هذا اللفظ على التحقيق.
والعجائز كسائر البشر منهم العالم المتفقه في دينه ومنهم الجاهل المفرط في أمره ومنهم التقي ومنهم العاصي إلى غير ذلك، ولم يكن في يوم من الأيام لهم اتفاق وإجماع أو عقيدة خاصة مشهورة معروفة متداولة حتى يقال هذه دين العجائز، ثم في هذا انصراف عن دين الإسلام!! فإما اتباع دين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإما دين العجائز، وبعضهم ينقل هذا الكلام أو نحوه عن سيدنا عمر وبعضهم عن عبد الله ابن المبارك وكله باطل لا يصح عنهم. ولو صح لم يكن فيه حجة مع أنه لم يصح والله الهادي.
وقد روى ابن ماجة (4049) والحاكم (4 / 473) عن سيدنا حذيفة مرفوعا (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، ويبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ويقولون أدركنا آبائنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها) وإسناده صحيح ولا دلالة فيه إلا على كلمة التوحيد التي جاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بها وبينوا معناها للخلق وأوضحوا شرحها لهم وما حوت من العقائد.
ومن الأحاديث الموضوعة المكذوبة في هذا الموضوع أيضا: ما رواه ابن حبان في كتاب (المجروحين) (2 / 264) عن ابن عمر مرفوعا:
(إذا كان آخر الزمان واختلفت الأهواء فعليكم بدين أهل البادية والنساء).