المثال الرابع:
بعض الآيات الأخرى في العلو أيضا والصحيح في معنى قوله تعالى: * (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) هو ما قاله الحافظ المتقن أبو حيان في تفسيره (البحر المحيط) (7 / 303) حيث قال:
(وصعود الكلام إليه تعالى مجاز في الفاعل وفي المسمى إليه لأنه تعالى ليس في جهة، ولأن الكلم ألفاظ لا توصف بالصعود، لأن الصعود يكون من الأجرام، وإنما ذلك - أي معنى الآية: - كناية عن القبول، ووصفه بالكمال، كما يقال: علا كعبه وارتفع شأنه، ومنه: ترافعوا إلى الحاكم ورفع الأمر إليه وليس هناك علو في الجهة) ا ه وما بين الشرطتين من إيضاحي.
وقد توهم المجسمة من ظاهر هذه الآية أنها دليل على أن معبودهم في السماء أو فوق السماء على العرش وأن الأعمال تصعد إليه!! ولم ينظروا إلى أساليب العربية، ولا إلى كلام العرب الذين نزل القرآن الكريم بلغتهم، ولم يلحظوا أن هؤلاء العرب كانوا يستعملون الاستعارات والمجاز والتفنن في التعبير حتى أنهم تميزوا بهذه الفصاحة عن سائر الأمم.
ونحن في مثل هذا المقام لا بد لنا أن نذكر بعض الآيات التي أخذت المجسمة بظواهرها لتستدل بها على العلو الحسي الذي تعتقده، ثم نردف ذلك بذكر بعض الآيات والأحاديث التي تبطل لهم استدلالهم والتي يوهم ظاهرها أنه سبحانه موجود في كل مكان، وهذه أيضا عقيدة باطلة، ليدرك أهل العلم أن أولئك المجسمة يؤولون الآيات التي لا تدل على عقيدتهم الفاسدة التي تنص على أنه سبحانه في السماء أو على العرش حقيقة، ولا يؤولون الآيات الأخرى التي يؤخذ من ظاهرها