المثال الثاني:
الاستواء احتجت المجسمة بقوله تعالى * (الرحمن على العرش استوى) * على أن الله تعالى جالس على العرش وأنه عال عليه علوا حسيا، وبعضهم يعتقد ذلك ولا يصرح بلفظ الجلوس ولا بالعلو الحسي إنما يقول: الله في العلو ويشير إليه إلى جهة السماء، وهذا خطأ محض بلا شك لأن الله تعالى منزه عن المكان، والعرب تقول عمن أرادت تعظيمه على وجه المجاز فلان في السماء، أي عظيم القدر، وإليكم تفصيل الكلام على هذه الآية وما شابهها من كلام الإمام الحافظ ابن الجوزي في (دفع شبه التشبيه) ص (121) مع تعليقاتنا عليه في الحاشية:
قال رحمه الله تعالى:
[ومنها قوله تعالى: * (ثم استوى على العرش) * الأعراف: 54.
قال الخليل بن أحمد: العرش: السرير، فكل سرير ملك يسمى عرشا، والعرش مشهور عند العرب في الجاهلية والإسلام قال الله تعالى: * (ورفع أبويه على العرش) * يوسف: 100 وقال تعالى: * (أيكم يأتيني بعرشها) * النحل: 38.
واعلم أن الاستواء في اللغة على وجوه منها: الاعتدال. قال بعض بني تميم فاستوى ظالم العشيرة والمظلوم. أي اعتدلا، والاستواء: تمام الشئ قال الله تعالى: * (ولما بلغ أشده واستوى) * القصص: 14، أي تم.
والاستواء: القصد إلى الشئ قال تعالى: * (ثم استوى إلى السماء) * البقرة:
29. أي قصد خلقها، والاستواء الاستيلاء على الشئ قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق (162)