وأما قول الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
(والله تعالى يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات).
فشرحه:
أنه إذا قال قائل: فما هي فائدة الدعاء حينئذ إذا كان كل شئ مقدرا؟!!
قلنا له:
[أولا]: هو تنفيذ لأمر الله تعالى الأمر بالدعاء، في مثل قوله تعالى * (أدعوني أستجب لكم) *.
[وثانيا]: هو الشعور بالاتصال بالله في كل وقت والالتجاء إليه.
[وثالثا]: أن الله تعالى يكون قد قدر في الأزل أن يدعوه فلان فيجيب دعائه وطلبه، أو أن يدعوه فلا يتحقق الأمر في الدنيا ويدخر له ثواب دعائه في الآخرة وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة، فمنها عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول ألد صلى الله عليه وآله وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها) رواه البزار (4 / 40) وغيره وهو صحيح.
[تنبيه]: وهناك دعاء يقرأه بعض الناس في ليلة النصف من شعبان وفيه (اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو مطرودا أو محروما فامح شقاوتي.. واكتبني في ديوان السعداء...) إلى آخره، وهذا دعاء يزعم بعضهم أنه يروى عن سيدنا عمر وليس كذلك!! والواقع أنه يروى عن سيدنا ابن مسعود بإسناد ضعيف (149)، واعلم أنه لا يجوز قراءة هذا الدعاء لما فيه من ألفاظ تدل على أن مشيئة الله تعالى وتقديره للأشياء يتغير، وارجع إلى رسالة شيخنا الإمام المحدث سيدي عبد الله بن الصديق الغماري أعلى الله درجته التي سماها (حسن البيان في ليلة النصف من شعبان).