فصل في تطبيق هذه الأسس على بعض الآيات والأحاديث قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:
(فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية، منعوت بنعوت الفردانية، ليس في معناه أحد من البرية، تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، وهو مستغن عن العرش وما دونه، محيط بكل شئ وبما فوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه).
الشرح:
ذكر المصنف هنا تنزيه الله تعالى عن الأعضاء والأدوات والحد والجهة وهو العلو الحسي الذي تثبته المجسمة والمشبهة، فلا بد لنا الآن أن نستوعب هذه الأمور ونعرضها على الأسس والقواعد التي قدمنا ذكرها المبنية على نصوص الكتاب والسنة، ويجدر بنا أيضا أن نذكر بعض الآيات والأحاديث التي تشبث المجسمة بظواهرها في إثبات صفات لله تعالى مع أنها لا تفيد ذلك، وقد مر بنا فيما تقدم أن النسيان المذكور في قوله تعالى * (نسوا الله فنسيهم) * لا يجوز إطلاقه صفة لله تعالى وأنه مؤول عند السلف بالترك، وكذلك الجنب الوارد في قوله * (يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) * مؤول عند السلف بحق الله، وكذلك المرض الذي ورد في حديث (عبدي مرضت فلم تعدني) عائد على العبد لأن المرض نقص ولا يجوز اعتقاد أنه من صفات الله، ومن ذلك أيضا الساق في قوله تعالى * (يوم يكشف عن ساق) * فإنها مجاز عن اشتداد الأمر، ولذلك أولها سيدنا ابن عباس بالشدة كما مر في باب نقل تأويلات السلف الصالح رحمهم الله تعالى.