بل إن الاستدلال بالفطرة التي يزعمونها يستلزم هدم كثير من الآيات والأحاديث!! فالآيات الحادثة على التفكر في خلق السماوات والأرض والآيات التي فيها الأمر بالنظر في المخلوقات لا قيمة لها ولا معنى من إيرادها ساعتئذ ما دام أن معرفة الله تعالى والإيمان بوجوده أمر مركوز في الفطر كما يزعمون، ولماذا أرسل الله تعالى الرسل يثبتون للكفار وجود الله تعالى حتى يؤمنوا به ما دام أن الأمر مركوز في النفوس؟! ومنه قول الله تعالى * (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) * إلى قوله * (فبهت الذي كفر) * وقوله تعالى في قصة سيدنا موسى عليه السلام أن فرعون قال له: * (قال فمن ربكما يا موسى * قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * طه. 49 - 50؟!!
فقول من قال: (أما عوام المسلمين فالأصل فيهم أنهم على عقيدة السلف لأنها الفطرة التي يولد عليها الإنسان وينشأ عليها المسلم بلا تلقين ولا تعليم (123) من حيث الأصل فكل من لم يلقنه المبتدعة بدعتهم ويدرسوه كتبهم فليس من حق أي فرقة أن تدعيه إلا أهل السنة والجماعة) ا ه!!!
هو قول متهافت!! وهو خطأ مجانب لنصوص الكتاب والسنة!! بل هو مجانب للواقع تماما! فإن الله تعالى أرسل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليعلموا الناس التوحيد والشرائع ولم يأت في نص واحد أن الله تعالى قال: إذا أردتم أن تعرفوا عقيدة السلف الحقة فعليكم أن تسألوا الأطفال الصغار لأنهم ولدوا عليها بفطرتهم، كما لم يأت عن النبي ص نص واحد يقول ذلك!!
وما فائدة إرسال الرسل حينئذ إذا كان الناس يولدون على عقيدة السلف التي يدعيها هؤلاء؟!! ولماذا إذن بقي النبي ص ثلاث عشرة سنة في مكة يعلم الناس العقيدة الصحيحة التي أرسله الله تعالى بها ويزرعها ويغرسها في قلوب أصحابه