كما لا يعني ذلك ما يقولونه: من إن معرفة الله تعالى أمر مركوز في الفطر، لقوله تعالى كما تقدم * (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) *!!
حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولدوا ولم تكن معهم معلومات إلا من أنطقهم الله تعالى في المهد على سبيل المعجزة والعبرة للخلق، ومن ذلك قول الله تعالى * (ووجدك ضالا فهدى) * أي: ووجدك لا تعرف ما أنت عليه الآن من الشريعة فهداك إليها، وقال تعالى: * (ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) * * (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) *!!
وبعضهم يورد مع الحديث الذي تكلمنا عليه وبينا معناه قوله تعالى * (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله) * وليس معناه ما يتوهمون ويوهمون!!
فلو كان الناس قد خلقوا وفطروا وطبعوا على الإيمان (والتوحيد ومعلومات العلو!!) التي قال الله عنها * (لا تبديل لخلق الله) * لم يستطع أحد أن يكفر ويخرج من الإسلام لأنه لا طاقة لمخلوق أن يغير ما قال الله عنه: لا تبديل له، ونحن نرى الأمر في الواقع بخلاف ذلك فنرى من الناس من يكفر ويرتد عن دينه!!
فصار إذا أن لها معنى آخر غير ما خطر ببال المجسمة والمشبهة وأذاعوه!!
وهو ما قاله الحذاق من أن الفطرة هنا هي القابلية التي خلقها الله تعالى في الإنسان للنظر في مصنوعات الله، والاستدلال بها على موجده، فيؤمن به ويتبع شرائعه، لكن قد تعرض له عوارض تصرفه عن ذلك كتهويد أبويه له وتنصيرهما وإغوائهما له وإغواء شياطين الإنس والجن * (لا تبديل لخلق الله) * أي (لا تبديل لهذه القابلية) من جهة الخالق. أفاده الحافظ أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط 8 / 389 وعقول المجسمة لا تصل لفهم كتاب الله الكريم ولا لسنة النبي الرؤوف الرحيم!! فتنبهوا!!
ومن ذهب إلى غير ما قلناه وقررناه هنا لزمه القول بتناقض الآيات وحاشاها من ذلك!!