كان الابرام مطلقا بحيث يسقط عن قابلية الحل حتى من الطرف الآخر فلا محالة يتنافيان، ولا يعقل تأثيرهما معا، وإن كان الابرام من قبله بحيث يسقط عن قابلية الانحلال من قبل المجيز - كما في العقد اللازم من طرف والجائز من طرف آخر - فلا تنافي بين الفسخ والإجازة، فيؤثر الفسخ مطلقا تقدم أو تأخر.
إذا عرفت ذلك فنقول: ما أفاده (قدس سره) من الفرق بين ما نحن فيه وتلك المسألة إن كان مجرد كونهما هنا من طرف واحد وهناك من طرفين فهو غير فارق مع فرض ثبوت الحق لأشخاص البيع، فإن الإجازة مرجعها إلى سقوط الحق الثابت لشخص المجيز، فلا ينافي أعمال الفسخ من شخص آخر، وكذا إذا كان مرجعها إلى إبرام العقد من قبله، وإن كان غرضه (رحمه الله) وحدة الحق هنا وتعدده هناك فهو غير فارق أيضا إذا فرض قيام الحق بأشخاص متعددين، فإن اسقاط الحق القائم بالكل بالكلية من أحد الأشخاص بخصوصه لا معنى له، وأما رجوع اسقاط الشخص إلى اخراج نفسه عن الطرفية للحق وقيام الحق الوحداني بمن عداه فهو غير مناف لبقاء الحق واعمال الفسخ من غيره تقدم أو تأخر، فإما لا تأثير للإجازة وإما لا منافاة لتأثيرها مع تأثير الفسخ.
بل الفارق أن المراد من البيع جنسه الواحد بوحدة طبيعية لا بوحدة عمومية سريانية، ومنه تنشأ وحدة الحق حقيقة، فالخيار وإن كان لكل واحد من الوكيل والموكل لكنه بما هو بيع لا بما هو هو، بل بما هو مصداق من له الحق لا بما هو بيع بالحمل الشائع، ومن البين حينئذ أن الواحد لا يعقل أن يبقى ويسقط، فلذا يؤثر المتقدم دون المتأخر هذا بحسب مقام الثبوت.
وأما بلحاظ مقام الاثبات، فالمراد من البيعين المرتب عليهما الخيار إن كان هو البائع والمشتري تغليبا فمقام الاثبات موافق لمقام الثبوت، حيث إن الموضوع جنس البائع وجنس المشتري وإن كان معنى وحدانيا يصدق على كل من البائع والمشتري فلا توافق بين المقامين، إذ الجنس لا يثنى، فيعلم منه أن المراد من هو بيع بالحمل الشائع مصداقا، فلا تنافي وحدة الحق مع اشتراك المسألتين في الحكم، إلا أن